الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

الرسالة السادسة...الصحة ياريس

الرسالة السادسة:
سيدي الرئيس... راعي هذا الوطن وحامي حماه، يا شعلة العمل التي نراها تشع وتضئ الدنيا فتنير أعيننا كل صباح بفكرة جديدة وعقلية فذة تضع نفسها قدوة ومحل تبجيل واحترام، أيها الأب العظيم لشعب عظيم يريد أن يرتقي ولو افتقد مفاتيح هذا الارتقاء،أرجو من الله أن تكون رسائلي السابقة قد وصلتك أو وقعت في يد من يوصلها –مشكورا- إليك، وكلي أمل وحلم كبير أن أساعد في تغيير ولو بسيط لمشاكل هذا الوطن المسكين الذي لايندمل جرحه أبدا.

هذه الرسالة كان من المفترض أن تكون الأولى، بطبيعة أنها عن مجال عملي الذي أعرفه وأفهمه أكثر من غيري ولكني لأسباب كثيرة أرجأت هذا الخطاب لوقت لاحق لترددي الشديد في سرد مشاكل هذا المجال فهي ليست مشكلة ولكنها مشاكل بل مآسي وفضائح وأمور تدعو للرثاء والغضب على أكثر مجال ينتظر أن يكون الأول في الاهتمام والاحترام والتنظيم.

نعم ياسيدي...إنه مجال الصحة، الصحة في مصر يارئيسي العزيز في نزول مستمر منقطع النظير لا يشابهها فيه أحد ولا ينافسها فيه أحد، الصحة سيادة الرئيس في تطور من سئ لأسوأ ولا خروج من الدائرة المغلقة إلا بالردع، نعم الردع لكل أفراد هذه المنظومة، من مسئولين حكوميين إلى مديري المستشفيات حتى الأطباء والتمريض ولا أبرئ المرضى، فكلنا فاسدون، نعم ياسيدي كلنا فاسدون.
إن المنظومة الصحية في مصر مشكلتها الأساسية أن لها العديد من المنابع والعديد من الرؤساء وفي المثل المصري (المركب اللي ليها رئيسين تغرق) فما بالك بمائة رئيس؟!

أنا لا أبالغ فهذا قدري أن أسرد قصة أسوأ قطاعات الدولة، الصحة ...في مصر لدينا أكثر من جهة تعنى بالصحة العامة للمواطنين، أولها المستشفيات الجامعية وثانيها وزارة الصحة يليها قطاع التأمين الصحي مرورا بقطاع المستشفيات الطبية المتخصصة ثم المستشفيات العسكرية وأخيرا وليس آخرا القطاع الاستثماري الذي يبدأ بمستوصفات صغيرة تابعة لجمعيات خيرية وانتهاء بمستشفيات كبيرة تخدم قطاع رجال الأعمال وأصحاب المال والنفوذ بالدولة.

فإذا أردنا أن نتحدث عن أخطاء الجميع فلا يمكن أن نجملها في أمور مشتركة فلكل مشاكله ولكل مآسيه، واستثني من ذلك المستشفيات العسكرية لأني وجدت فيها الرغبة في تقديم الأفضل حتى لو كان ينقص بعض المستشفيات ذلك الأفضل ولكن يكفيني أن أرى ماتقدمه تلك المستشفيات من قصارى جهد لرعاية العسكريين من أبناء الجيش المصري العظيم ويمتد الأمر لرعاية المدنيين أيضا.
ولكني تعودت في رسائلي لسيادتكم أن أنظر وألفت انتباهكم للنصف الممتلئ من الكوب –على اعتبار أن للصحة نصف كوب ممتلئ- وقد حاولت أن أتناسى ولا أنسى إهمال المستشفيات للمرضى ، والقوارض التي تأكل اليابس بلا أخضر والأدوية المنتهية الصلاحية، والمستشفيات النائية التي يتقاضى فيها التمريض والموظفين راتب الطبيب باتفاق معه ليتركوه يذهب لعمل آخر ويحتسبوه حاضرا ، وكذلك حالات الوفاة في مستشفيات ضخمة بالقاهرة نتيجة أن شابا أو فتاة مساكين أصيبوا في حادث فلم يملكوا في وقتها عشرات الآلاف تأمينا لدخول المستشفى فماتوا من مرور الوقت والنزيف، سأتغاضى عن كل ذلك وعن كم الجهل المتبادل بين الأطباء والمرضى.

كما سأتغاضى عن السارقين والمحتالين مدراء المستشفيات الحكومية وقطاع التأمين الصحي الذين يرتشون ويسرقون الميزانية في جيوبهم فلا يتركون إلا الجنيهات المعدودة للأطباء والتمريض ويجبرونهم على العمل بتلك الجنيهات في حين أن بعض هؤلاء إما يبتليه الله بأمراض نتيجة فساده أو يدخل السجن جزاء موعودا على ما اقترفت يداه.

هذا ملخص بسيط لما قدر لي الله أن أعيش وسطه من مستنقع ملئ بميكروبات العصر ومجتمع فاسد بين جموع البشر الذين لايدري فيهم الضعيف متى سيأكله القوي ولا يدري القوي كيف تظل مخالبه يقظة في وجه الضعيف كي لا يقوى فيأكله.
فكل زملائي قد عاشوا في قطاع واحد أما أنا فقد كتب لي الله أن أتنقل بين كل قطاعات الصحة في مصر حتى أنه لم يعد هناك قطاع لا أعلم عنه شيئا وهذا أمر له دلالة وهي أن أكتشف سلبيات كل ذلك ربما استطعت تعديل هذا الميل ولو درجة واحدة.

أعود للتفاؤل والغبطة لأني فعلا لا أعرف الياس ماحييت ولدي بعض الأفكار التي قد تساهم في تعديل الأمر قليلا...سيدي الرئيس:

1-    التوعية الصحية تحتاج للتجديد...ماذا لو قدمت الحكومة مسابقة بين شباب الأطباء عن طريقة التوعية في كل الأمراض تشارك فيها جميع التخصصات ويشرف عليها كبار الأطباء والعمل الذي ينجح يقدمه التلفزيون باسم الطبيب ليزيد من ثقته ورغبته في تقديم المزيد.

2-    نحتاج المطابع والصحف لتقديم توعية عامة عن طريق منشورات صحية توزع بشكل دوري بين الناس مع الجرائد والمجلات مثل إعلانات محلات الوجبات السريعة.

3-    نحتاج لأن تقوم المستشفيات بتجديد المعلومات الطبية وتقام مسابقات بين المستشفيات عن طريق دروس علمية تقدم بالتلفزيون من كل مستشفى في مواعيد محددة ويقوم الأطباء بالتصويت عليها على الإنترنت على موقع القناة التي تبثها وتحدد جائزة لأفضل مجموعة طبية في المستشفيات لتشجيعهم على العمل.

4-    معايير الجودة ليست هي مايحكم على براعة المستشفى ولكن اختبارات الأطباء وتقييمهم السنوي بامتحانات سنوية أمر هام جدا والتنافس وإعادة الامتحان يزيد جدية العمل ويقوي ذاكرة الطبيب ويساعد على تقديم المزيد من المعلومات وتجديدها.

5-    نحتاج لمراكز جديدة لإعادة التاهيل للمرضى فمثلا في أمراض القلب يوجد الكثير من المراكز على مستوى العالم ولكن لايوجد في مصر سوى مركز واحد في القاهرة ولا يعرف الناس عنه الكثير ومما يزيد حالة المريض سوءا هو جهله في التعامل مع مرضه المزمن.

6-    أخيرا وليس آخرا نحتاج لأعمال فنية قوية تحتوي الأفكار الصحية بالأغاني والتمثيل وتقدمها وجبة للشعب الذي يستوعب كل شئ عن طريق الفن، فنقدم السلبيات والإيجابيات والشخصيات الجيدة وغيرها من المستغلين للمهنة حتى نرتقي تدريجيا بفكر الشعب المصري ويستوعب معنى المرض والعلاج.

أعرف أن الطريق طويل وخاصة في الطب ولكن (الكشف المستعجل) لا يفيد في هذه الأمور فالأمر يحتاج للعلاج التدريجي حتى يتقبله جسد الشعب المصري ويحتويه ولا يلفظه كالجسم الغريب الذي ترفضه مناعة الجسم.

كان هذا ملخص بسيط لطبيعة الصحة في مصر ورؤيتي لحل بعض مشاكلها، سيدي الرئيس... صدقني، المجتمع يحتاج للنهوض بالصحة عن طريق العمل الدؤوب على الطبيب مع المريض وليس الأمر مقتصرا على علاوات وزيادات في الأجور ولكن نفسية الطبيب وإعادة بناء فكرة أن الطبيب (حكيم) في عصره تحتاج لجهد وعرق وبذل الكثير من التعب حتى نصل لما نرجو ونطمح...أرجو أن تعذر إطالتي هذه فقد حاولت الاختصار ولكن كل ماكتبته رؤوس أقلام لمواضيع يصعب تلخيصها ...وفقك الله لما يحب ويرضى ولما يخدم هذا الوطن الحبيب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د.نورهان بسيوني


عقل وقلب

بين العقل والقلب اختلفت الأقاويل أيهما يعطي للمرأة القوة، فالبعض يقول أن المرأة القوية هي المرأة العاقلة التي لايهمها الظروف والحياة...