الأحد، 3 مايو 2015

أحوال البلد ...(2) الفساد الصحي

(2) الفساد الصحي
·        اعتاد المصريون على عادة غريبة جدا موجودة في كل المصالح الحكومية وربما أصبحت في القطاع الخاص أيضا وذلك في كل المجالات...عادة مستفزة اسمها (مادامت مصلحتي ماشية مايهمنيش غيري) وللأسف هذه السلبية المقيتة أصبحت ديناً وديدنا في كل القطاعات إلا المخلصين منهم وهم قليل.
·        لذلك فإني أرفع اليوم مظلمة مؤلمة في قطاع من أهم قطاعات الدولة معنوياً ومادياً أيضاً فهو يعنى بأرواح البشر وليس بالأمر التافه ، قطاع حياة الناس والذي ننتظر أن يكون أرقى وأنقى قطاعات الدولة إلا أنه من أفسد قطاعات الدولة...القطاع الصحي.
·        اليوم أناشد المسؤولين في المجال الصحي بأن يقوموا بجولة تفقدية (بدون السجادة الحمراء) و( بدون الزيارات المفاجئة المتوقعة) لمستشفيات وزارة الصحة والحكومة والجامعات، أناشدهم بأن يخطوا خطوات حقيقية اتجاه الفاسدين من أطباء وتمريض وموظفين في القطاع الصحي، وهم كثر، وأرجو أن نكف عن تكريم مديري المستشفيات كما نرى في الإعلام على أن  مستشفاه نموذجية وجيدة وخدمية ووووو ...كأننا كأطباء نصدق أن مديرا لأي مستشفى يفعل ذلك وكأننا من المريخ ولسنا ممن يعلم حقيقة هؤلاء.
·        أنا طبعا أأسف أن أتكلم في ذلك وأنا طبيبة ولكنني ممن تركوا بإرادتهم العمل في الحكومة ثم التأمين من كثرة ما وجدت من فساد لم أقدر على تصحيحه ولم أسمح لنفسي بالاشتراك في مهزلة استمراره لذلك أنادي بأعلى صوتي على مسئولي وزارة الصحة وعلى رأسهم السيد الوزير وأسأله:
1)    هل تعلم سيادتك كم من الأطباء يتقاضى أجورا غير مشروعة في مستشفيات الحكومة المجانية من المرضى في سبيل الكشف عليهم ربما في أوقات العمل الرسمية وهم فقراء يقصدون هذه المستشفيات تضررا فقط لأنها مجانية؟!
2)    هل تعلم أن بعض مستشفيات التأمين الصحي تحارب الأطباء الشرفاء وتصر على محاولة إسكاتهم عن الفساد أو حرمانهم من أجورهم بإعادة توزيع المال العائد من التأمين وتوزيع أجور العمليات حسب المحسوبيات لا حسب خطورة العمليات كمحاولة لوصمهم بأي خطأ لشراء ضميرهم؟!
3)    هل تعلم أن المستشفيات الجامعية والتأمين وربما الحكومية أيضاً التي تتظاهر برفاهية تطبيق معايير الجودة لا تطبق معايير ومواصفات الإنسانية حيث شوهدت لأكثر من مرة أعضاء بشرية مبتورة جراء عمليات البتر داخل المستشفى والتي يجب التخلص منها بالدفن أو بطرق صحية اخرى، هل تعلم أنها تلقى في الأرض الخلفية للمستشفى لتنهش بها الكلاب والقطط؟َ!
4)    هل تعلم أن المستشفيات المعنية باستقبال حالات الإيدز وإنفلونزا الطيور والخنازير لا تكتب ذلك في سجل دخول المرضى بأمر من المدير الذي عادة مايكون متصلاً بفاسد آخر في المديرية الصحية ليسانده في هذه الجريمة ولا يتم إخطار وزارة الصحة بعدد المرضى من الإيدز او تلك الأمراض المعدية مدعين أن سياسة الدولة العليا تأمر بعدم تسجيل ذلك لعدم الاعتراف بانتشار الإيدز وإنفلونزا الطيور والخنازير في مصر؟!
وهل تعلم أنه في حالة وفاة المصاب خاصة بالإيدز يتم إنهاء الأمر إما بكتابة شهادة وفاة على أنه توفي بالتهاب رئوي أو عدم كتابتها وتهريب الجثمان ليلا مع الأهل الذين يخشون الفضيحة ويعتبر المريض لم يمر أصلا على المستشفى؟!
5)    هل تعلم أنه هناك مستشفيات تموت فيها حالات عناية مركزة لأن الأكسجين المركزي فيها غير متوفر بالقدر الكافي وأنه يتم الاستعاضة عنه بعد فترة من انتهائه بأنابيب يحملها عامل كأنابيب البوتاجاز بعد أن تكون الحالات الحرجة قد توفيت، وأي ممرضة أو طبيب يبلغون عن ذلك يتم عقابهم عقاباً عسيراً؟!
6)    هل تعلم أيها المسؤول أياً كنت أن مصر الآن منحدرة صحياً لدرجة أننا أصبح كل همنا ارتكاب الجريمة ومسح الدليل لأن من يحاول التصحيح يتهمه الاخرون بالادعاء لو لم يجد دليلاً ولأن الجميع يخاف على لقمة العيش فلن يساعدونا لاستخراج أدلة لأن سياسة التخويف منتشرة في الصحة بشكل مقزز؟!
7)    هل تعلم كم الأطباء الذين يحسبون متواجدين يومياً من الحضور للانصراف في مستشفيات الحكومة والتأمين وهم متواجدين في نفس الوقت في مستشفيات خاصة وحجتهم (على قد فلوسهم) ، هل تعلم كم الوفيات نتيجة غياب الطبيب عن المستشفى لأن فقيراً قصدها ولا يملك آلاف المستشفيات الخاصة لإسعاف ذويه؟! وللأسف يقبل الأطباء هذه المال الحرام الذي لم يعملوا به ولا يعلمون أنهم يأكلون في بطونهم ناراً.
·        أنا لا أحاول صنع الإحباط في الكيان الصحي المصري فمهما كان الظلام كالحاً فلابد من ضوء ولا بصيص ضوء للتغيير والتقدم وخاصة بعد أن أصبحنا دولة تتقدم بقوة أمام كل الصعب ولكنني من غيرتي على وطني وعلى أبناء وطني الذين يضعون كل يوم ثقتهم فينا كأطباء بشكل يبدو مطلقاً لأننا من وجهة نظرهم نعرف كل شئ ولا نخطئ فكان لابد وحتماً أن نقوم بتنشيط الضمير الطبي لدينا ومحاولة إنقاذ الطباء الشرفاء الذين يحاربون الفساد ويظلمهم الأقوياء لكي لايتم كشفهم.
·        كذلك لا يمكن أن أنسى أنني وقفت يوماً بعد إنهاء دراستي رافعة يدي مقسمة قسم الطبيب بالله العظيم أن أحافظ على شرف مهنتي ...ذلك الشرف الذي يهدره هؤلاء الفاسدين كل يوم.
·        سيدي الوزير أو المسؤول أياً كنت...بدل تكريم المديرين الذين ربما لم يقوموا حتى بمسح التراب عن مكاتبهم، رجاء فاجئهم بزيارة غير متوقعة قبل أن يفرشوا السجادة الحمراء ويدخلوك الغرف والأقسام المجهزة ويستغلوا الوقت في شغلكم عن تفتيش الفساد في المستشفى, تنكر وتحدث مع المرضى ، أرسل أصحاب الضمير الحي لتصوير المستشفى على حقيقتها كأنهم مرضى، افعل شيئا بالله عليك لتكشف الفساد قبل أن تقف أمام الله فيسألك وفي رقبتك ملايين المرضى يقاضونك على موافقتك أن تسير على سجادة النفاق التي تخبئ وراءها الفساد الصحي في مصر.
أرجو أن يصل كلامي للمسؤولين قبل أن تضيع مصر صحياً وتنتشر فيها أمراض يصعب علاجها ونبكي على اللبن المسكوب.
وإلى لقاء جديد في حالٍ جديد من أحوال البلد.

                                                                                           د.نورهان بسيوني

عقل وقلب

بين العقل والقلب اختلفت الأقاويل أيهما يعطي للمرأة القوة، فالبعض يقول أن المرأة القوية هي المرأة العاقلة التي لايهمها الظروف والحياة...