تلك الطفلة التي هي
أنا...بدأت حياتها في بلاد جديدة لا تدري عنها شيئاً سوى محيط والدتها وأختها
الصغيرة ينتظرون عودة الأب كل يوم من عمله ليجتمع شمل الأسرة على مائدة الطعام،
حيث الانتماء الوحيد الذي بقي لها بعد وداع الوطن، انتماء الأسرة.
تلك الطفلة التي هي
أنا... مازالت تذكر وجع البعاد، نعم لايوصف هذا الإحساس إلا بوجع البعاد.
رغم أني أحببت سلطنة
عمان، أحببتها جداً لكني لم أستطع يوماً أن أنسى وطني الحبيب مصر أمي الكبرى.
تلك الطفلة التي هي أنا
...تعلمت ألا تترك الوطن أبدا مادام الوطن لم يتركها فقد صرت أخاف (وجع البعاد)
حين كنت أقرأ عن أبطال تم
نفيهم وأحباب تركوا أرض الوطن عقابا على إخلاصهم كنت أنقم على من حرمهم هذا
الإحساس الرائع لأن الوطن غير أي شيء في الدنيا والانتماء إليه هو أسمى شعور يمكن
لأي إنسان أن يشعر به.
تلك الطفلة التي هي
أنا... حزينة تنظر من النافذة عليها تجد نفس البحر...بحر الإسكندرية، لكن أنى يكون
هذا والوطن غير الوطن والقارة غير القارة والناس غير الناس.
تلك الطفلة التي هي أنا
... تحن إلى ضجيج الشوارع وصراخ الأطفال في حضانتها التي تركتها...تحن لأصدقائها
الصغار وحفلات أعياد ميلادها المميزة وصورها التي كانت تحب أن تخطفها في لمحات
فنية بريئة على قدر طفولتها.
كان كل مايربطني بوطني في
الغربة المسلسلات والفوازير وألف ليلة وليلة، كم تتذكر تلك الطفلة من معانٍ وطنية
زرعها الإعلام المصري- يوم كان إعلاماً- والفن المصري – يوم كان فناً- لقد زرع في
أعماق أعماقها ذلك الشعور بمعنى مصر.
وكم تتذكر تلك الطفلة
...التي هي أنا أحاديث والدها الممتعة عن مصر وحرب أكتوبر ونصر المصريين، وماحدث
بعد ذلك من تطور في المجتمع المصري، لقد ربطنا والدي بمصر بشكل قوي متين لدرجة أني
كنت أعشق هذه الأرض الطاهرة وأكثر أحلامي في الغربة كانت عن مصر الحبيبة.
كم يفرط الآباء في حق
أبنائهم حين يهملون غرس معنى الانتماء الوطني فيهم ويستبدلونه بمعانٍ شخصية وكرهٍ
للأهل ومحاولة جذب الطفل لطرفي الأسرة
لكسبهم في صف من الصفين، أو لطائفة متطرفة تقصي الآخرين من أبناء الوطن؟!
إنها مصر أرض الكنانة والحضارة والأمل، أرض
مقدسة طاهرة لايساويها وطن.
تلك الطفلة التي هي أنا...ستدخل
الآن المدرسة،،،،ومع حديث المدرسة الذي يطول في وطني الثاني سلطنة عمان أستكمل
سنوات الشقاء الدراسي والتفوق التي بقيت كالذكرى العطرة بداخل تلك الطفلة....التي
هي أنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق