الاثنين، 16 سبتمبر 2013

تلك الطفلة...الهمسة الثالثة


تلك الطفلة التي هي أنا...ورحلة الانتزاع النفسي من قلب الحبيبة مصر إلى مجهول لم أعرفه...إلى وطن آخر بمعالم أخرى ومصطلحات جديدة ولهجة غريبة وإحساس مختلف.
تلك الطفلة التي هي أنا....
حين أخبرتني أمي أننا سنلحق بوالدي في سلطنة عمان لم أكن أعرف هذه البلد ولم أكن أعرف كيف سأعيش فيها، لم أكن أعرف شيئا لأني كنت في سنين عمري الأولى...كل ماكنت أعرفه أني سأفارق الأهل والوطن إلى مجهول لا أستطيع رسم معناه في ذهني.
تلك الطفلة التي هي أنا...صعدت على سلم الطائرة بيديها وقدميها خوفا من تلك العملاقة التي تقف شامخة في وجه الرياح والتي ستعلو بي فوق العالم...ولكنها لم تعلُ بقلبي فوق مصر.
تلك الطفلة التي هي أنا ...ولحظة الوداع للأهل والوطن، طفلة تنظر لوجوه لن تراها إلا بعد عام، وتودع ذكريات الوطن الذي ليس كأي وطن، تودع مصر.
مازالت بداخلي تلك الطفلة ...التي هي أنا، حين جلست أنظر من نافذة الطائرة لأشاهد ولآخر مرة معالم مصر تختفي من أمامي وربما حاولت أن أضع يدي الصغيرة على النافذة محاولة الإمساك بآخر منظر لمصر ظنا مني أنني أحتبسه في ثنايا تلك اليد الصغيرة وأنه لن يفلت أبدا ليظل آخر ذكرى لعشق وطني الذي لن أراه قبل عام.
كان أبي هو الهدف الوحيد الذي كنت أفهمه وأرجوه من تلك الرحلة، وكانت رؤيته هي الشئ الوحيد الذي يسعدني، ولكني أذكر وقتها دموعي المختلطة برحيق الوطن، وشجوني التي اخترقت السحاب مع جناحي الطائرة والتي ظلت ترافقني طوال حياتي بعيدا عن وطني.
آه عليك ياوطني، آه عليك يامصر، إنك لست أرضا ولا ترابا ولكنك كيان يتشكل بداخلنا ليشارك في صنع ملامحنا،،،
تلك الطفلة التي هي أنا ...ظلت تحمل ملامح هذا الوطن والشوق إليه حتى عادت لتكمل حياتها فيه، كنت أبتسم حين يقولون (الفتاة المصرية تنجح، الفتاة المصرية الطالبة المثالية، الفتاة المصرية متفوقة)
كنت أشعر بنسيمك ياوطني في كل حياتي كأني فيك بل وأكثر، فإن من يفارق هذه الأرض خاصة في صغره يشعر بقيمتها أكثر ممن نشأ فيه، ومن يغني نشيدا غير نشيد بلاده يفهم معنى مفردات نشيدها الوطني أكثر ممن تعلم أن يستدعيه من اللاوعي ربما دون أن يدرك مايقول.
تلك الطفلة التي هي أنا...الآن في سلطنة عمان ورحلة الطفولة والشباب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عقل وقلب

بين العقل والقلب اختلفت الأقاويل أيهما يعطي للمرأة القوة، فالبعض يقول أن المرأة القوية هي المرأة العاقلة التي لايهمها الظروف والحياة...