عاشت مصر
في الفترة الأخيرة أوقاتا عصيبة، واختبارات نفسية يصعب على غير المصريين تحملها،
ورغم ذلك تحملت مصر وظلت تتحمل كل مايحدث لها من آلام بأسلوب راقٍ عّلمت به العالم
كله كيفية التعامل مع الشدائد وكيفية تخطي الصعاب...وهذا ليس بغريب ولا جديد على
أم الدنيا التي مازالت تلقن أولادها دروسا جديدة في التماسك في الشدائد والتصبر في
المحن والتجاوز لكل الصعوبات.
ومن هذه الصعوبات
مايحدث الآن من انتقال سياسي ونفسي للشعب المصري،حيث أنه انتقل نفسيا من الإحباط
الذي بدا عليه في السنة الماضية إلى أمل جديد في عودة مصر إلى مكانتها التي تعودت
عليها، ولكن لايمنع الأمر من وجود بعض المعوقات والعراقيل التي يضعها الأعداء في
طريق التقدم المصري المنشود،ومن خلال قراءة سريعة شاملة للمشهد السياسي الذي بدأ
منذ فترة ومازال مستمرا حتى وقتنا الحالي نلحظ أمرا غريبا، وهو أن الحرب الحالية
ليست حربا ميدانية ينتظر فيها الشعب أخبار جيشه الذي انتصر على عدو واضح نكرهه
جميعا ليتلقاه بالفرح والتهاني والأمنيات الجميلة بالتوفيق، وإنما تجد أنك تواجه
تحديات من نوع آخر، نوعٍ جديد كالسرطان الذي يستولي على الجسد المجتمعي فيحيله من
هيئته الصحية لجسد معتل يمكن لأقل ميكروب تصاب به عناصر المجتمع أن يودي بحياته، هذا
التحدي وهذه الحرب هي ماتسمى بحرب الجيل الرابع.
وحرب الجيل
الرابع لكي نفهمها جيدا نحتاج لحديث طويل فيها والهدف من سردي لهذه الفكرة
بتفاصيلها هي أنها حقيقة مايحدث الآن والهدف الغائب للعدو الذي لانراه جميعا لكننا
نشعر بوجوده في كل خلاف يدب بيننا وفي كل معلومة غريبة تصلنا وفي كل مفهوم خاطئ
يظهر فجأة وينغمس المجتمع في التصدي له فإذا به ينشره دون أن يدرك.
إن معرفة
هذه الحرب بتفاصيلها هي أولى خطوات التصدي لكل تحديات الأزمة الحالية لذلك يحتاج
الأمر للعودة بعجلة الزمن قليلا لنسأل أنفسنا: لماذا هي حرب الجيل الرابع، هل هذا
يعني أنه كانت هناك ثلاثة أنواع من الحروب قبلها؟
والإجابة
طبعا نعم، إن العالم يحارب بعضه في كل حقبة زمنية بنوع من الحروب يتناسب وإمكانيات
هذه الحقبة، لذلك تجد أن حرب الجيل الأول تعاملت مع الأسلحة وذلك لأن الحرب وقتها
كانت حربا صريحة فيها مواجهة ومكسب وخسارة، ثم تطور الوضع وتحول الشيطان لمجرى آخر
في حرب الجيل الثاني حيث أصبحت المسألة حربا عصابية بتكتلات إجرامية ثم حرب الجيل
الثالث التي تتميز بأنها مستقبلية أو توقعية مثل حرب أمريكا في العراق بدعوى تعليم
أهلها السلمية ومنع الهمجية والتصدي لأي حرب متوقعة، وطبعا نجده أمرا يدعو للسخرية
أن تعلم دولة الإرهاب الأولى دولة أخرى معنى النظام والسلمية.
ثم تأتي
حرب الجيل الرابع الآن وفي زمن الإنترنت والفضائيات والميديا المعلوماتية
المتداولة على أساس هام وهو حرب المعلومات..وكما يقول خبراء الاستراتيجيات
العسكرية هي حرب غير نمطية تستهدف الشرق الأوسط، وطبعا أساس الشرق الوسط والهدف
الأول لهذه الحرب هي مصر ومن حولها من الدول، لذلك كان لابد في ثورات الربيع
العربي التي رغم الاحتياج لها وكونها جاءت في وقتها الحتمي أن تتميز ببرمجة
معلومات ثابتة وطلبات محفوظة لكل الشعوب بحيث تجد أن كل ثورة تقوم في بلد تنادي
بنفس طلبات جاراتها من الدول بدون وعي وإدراك لمتطلبات شعب هذه الدولة، وكأنك تنظر
لعمل فني دقيق لم يكتب السيناريو الخاص به إلا مؤلف واحد وبلا شك هو المستفيد
الأول من هذه الفوضى التي حدثت بعد تلك الثورات.
هذه المقدمة
لابد منها لندرك أن الحرب الجديدة التي تشنها أمريكا لأنه لايوجد مستفيد أول قبلها
والتي بدأت منذ سنوات اقتحامها للعراق ومستمرة حتى الآن أصبحت تستهدف مصر بشكل
صريح وواضح والتي لانرى منها سوى الجزء اليسير الذي يخبئ تحته الكثير من الإفساد
الذي تريده أمريكا لمصر، وللأسف كل الأسف حين تنجح أي حرب في أي وطن فلابد من
خائن، وهذا هو مايسميه العسكريون وخبراء السياسة ...الطابور الخامس.
ظهر
الطابور الخامس في الحرب على الوطن العربي واستهدف كافة الدول وكان دائم التغير مع
تثبيت الأربعة أركان الأخرى في المؤامرة الشرق أوسطية لأنهم من ترتكز عليهم هذه
المؤامرة.
ترى من
هو الطابور الخامس في مصر والعالم العربي؟ وهل تبدل أم هو كيان واحد؟ وماعلاقته
بحرب الجيل الرابع؟
هذا
ماسنتحدث عنه في المرات القادمة
وللحديث
بقية ،