دمعت عيون مصر وتوجع قلبها
على زهرتين من ينابيع العذراء مريم، مريم العذراء رمز السلام التي منحت الحب
للحياة وعلمت ابنها أن يكون سلاما ومحبة تبكي اليوم فتاتين من محبيها، ومن عجائب
القدر أن الطفلتين اسمهما مريم.
ودعت مصر ضحيتين من ضحايا
الإرهاب الغاشم تحولت فرحتاهما إلى دموع ولم يكن ذلك لخطأ اقترفتاه فهما لم يدخلا
مرحلة الخطأ ولا سن الخطيئة ولكنهما كانتا مجرد ملكين يسبحان في دنيا الطفولة، كتب
لهما القدر نهاية مأساوية هي أفضل عند الله ولكنها قاتلة لقلب أم تودع طفلة في مثل
هذه السن الجميلة.
المريمتان عادا بي إلى
ذكرى مريم المقدسة حيث كانت في بيت المقدس بعد أن نذرتها أمها لتتعبد في المعبد
وكانت بذلك فريدة في عصرها كفتاة تتواجد في مكان كله رجال ولكنها أكملت طريقها في
صمود وصعدت إلى ربى المؤمنات وتوجتها السماء بتاج التميز والاصطفاء على نساء
العالمين.
مريم العذراء بعد مولد
عيسى كانت خائفة قلقة ليس لديها أي شعور بالأمان وخاصة بعد أن علمت أن ملك بيت
المقدس يلاحقها لعلمه المسبق بأن زوال ملكه سيكون على يد مولود ذكر من عذراء بلا
زوج، جاء هاتف السماء إلى مريم يدعوها لمغادرة البلاد... إلى أين؟
إلى أرض الأمان
والسلام...إلى أرض لاظلم فيها ولا جور...إلى مصر، ورحلت مريم إلى أرض مصر وانتقلت
من مكان إلى مكان ومن أرض إلى أرض في رحلة خلدها التاريخ باسم (رحلة العائلة
المقدسة) واستقرت مريم في مصر كانت تأبى أن تعيش عالة على أحد ورغم أنها مقدسة عند
الله ومصطفاة على نساء العالمين لم تتوج نفسها في برج عاجي وتترك الناس تخدمها
ليأخذوا البركة وفقط بل كانت تعمل بيدها من أجل لقمة العيش ونشأ المسيح عيسى ابن
مريم خير الشباب ونبي الله نبي السلام والمحبة على أرض السلام والمحبة...أرض مصر.
كم يؤلمني الآن وأنا أرى
أتباعه ومحبيه يتألمون وينادونه وينادون مريم ويطلبون من الله الصبر على وجع دفين
وجرح لايندمل ترك فيها الإرهاب بصماته الغادرة بلون الدماء الطاهرة على أعتاب
كنيسة الوراق لتظل وصمة عار في جبين فاعليه.
لقد عاشت العذراء مريم
حياتها في سلام، ونشأت في دار عبادة تدعو للسلام، ولم نرَ مسيحيا في ظل الظروف
السابقة رفع سيفا أو أطلق رصاصة غدر على أحد لأنه تعلم من مريم وابنها معنى
السلام، فالمسيحيون يحملون في عروقهم دماء السلام لأنهم مأمورين به ولأن سيدتهم
وسيدتنا مريم عاشت على أرض السلام أرض مصر.
لهذا فإنني أؤكد وأقسم
بالله الواحد الأحد أن من فعل هذه الفعلة الحقيرة يخرج من ملته الإسلامية التي لن
ولم تأمره إلا بالسلام، الله اسمه السلام ونحن سُمينا مسلمين لأننا نسلم لله
وننقاد لطاعته في سلام فكيف يأتي من لايرحم ويقتل البراءة ثم يدعي الإسلام
والسلام.
لا والله وعزته وجلاله لن
نصمت على مايحدث ويكفيهم ردا أننا اتحدنا ووضعنا يد الإسلام في يد المسيحية في يد
الشرطة في يد الجيش فاختلطت الدماء لتصبح يدا واحدة...يدا مصرية في مواجهة الإرهاب
الذي لادين له ولاوطن.
لتذرف الدموع ولنتوجع
جميعا ولتبكي يامصر على أبنائك فدماء الولادة مؤلمة ومولودتك اسمها الحرية وهي
غالية، وقلبها ليس بضعيف وإنما نبضاته تتدفق بالدماء في عروقنا جميعا لذلك ولأن
تاريخ الطب يعرف أن المشاهير كانت ولادتهم أكثر صعوبة من غيرهم فلتصبري يا مصر لأن
مولودتك الحرية هي الحرية المصرية من كل احتلال وغدر وهي أشهر المشاهير.
لاتنسوا يامصريين من أساء
لنا لاتنقسموا ولاتنقادوا وراء الشائعات ولاتسمعوا لكلام الغادرة أمريكا التي تعرض
السفر والجنسية عليكم الآن، فالغادر أول من يصيد في الماء العكر لأن هذا مستواه
وهذه رائحته، أما نحن فسنظل هنا في مصر على حلوها ومرها في بحرها ونيلها نزرع
ونحصد في أرضها نعيش ونموت من أجلها، وسنفني شبابنا فيها لأنها أغلى من شبابنا، عاشت
مصر حرة وعشت يامريم يازهرة المؤمنين.
د.نورهان بسيوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق