تلك الطفلة التي هي أنا...والعيد، منذ كنت صغيرة
حتى يومي هذا اختلف اختلافاً كبيراً في حياتي.
ذلك العيد الذي كنت أقضيه هنا كان يساوي عندي العائلة
والمجتمع الصغير المتمثل في أقاربي الأطفال.
كنت الكبرى وكل من حولي أصغر مني لكني كنت أحب
مقابلتهم وقضاء العيد معهم، كنا نتبادل القصص الوهمية المضحكة والدعابات الطفولية
التي تركت أثرا جميلاً في نفوسنا جميعاً حتى اليوم.
أما في سلطنة عمان....فكانت ملامح العيد مختلفة،
كنا نحتفل به مع الجالية المصرية (أصدقاؤنا المصريون) وكان الأهل هناك هم
الجيران.... أسرة عمانية، أسرة سعودية، أسرة سودانية ، تآلفت قلوبنا لأنها لم
يجمعها سوى انتماء واحد....العروبة.
تعلمنا كيف تسير الأمور حين تبحث لك عن ثابتٍ واحد
في ظل حياة كلها متغيرات فلا تجد أفضل من ....العروبة
تلك الطفلة التي هي أنا....رأت (العيود) وهو مكان
بيع لعب أطفال جميل جداً يعقد كل عيد في ساحات خالية ليجتمع الأطفال هناك، وكنا
نذهب لنشتري الألعاب الجميلة، ومازلت أذكر طعم (الحلوى) العمانية و(الطعام)
السوداني المميز و (الكبسة) السعودية، كانت تختلط بطعم (الفتة) المصرية في فمي وفي
ذهني وفي قلبي.
كنت في وطني الثاني عمان أتقابل مع أصدقاء آخرين
لايختلفون عن أهلي، وربما بدافع القرب في الدراسة والمجال الاجتماعي واتفاقنا في
المنشأ أصبحوا بمثابة أهل جدد، كانت الأسرة المصرية تلتقي وتقضي أوقاتاً جميلة في
التجمعات التجارية والحدائق الجميلة والشواطئ العمانية الرائعة.
تلك الطفلة التي هي أنا.... تعتبر نفسها محظوظة
لأنها استطاعت أن تجمع ثقافات متعددة في سن صغيرة فأصبحت متميزة وذات خلفية ثقافية
لم يحظ بها من هم في سنها ونشأوا في أوطانهم دون الاحتكاك بأشخاص وعناصر اجتماعية
مختلفة.
كانت ملامح العيد من أهم الملامح التي رسمت معنى
الانتماء والعروبة بداخل تلك الطفلة....التي هي أنا، حتى أني أعتبرها فعلا فكرة
هامة لو نطبقها كلما استطعنا السفر وتعليم أولادنا الاختلاط بالغير ومحاولة التعلم
منهم واكتساب ثقافات مختلفة لأنها بلاشك ستفرق معهم بشكل كبير في سنين عمرهم
القادمة وطبعا يجب أن يكون ذلك بدون الذوبان ونسيان عاداتنا وتقاليدنا التي تحمل
ملامحنا .
إنها تجربة جميلة حقا، تجربة العيد مابين الوطن
وخارجه ومابين الطفولة والشباب أتذكرها فأبتسم وأشعر أني مازلت هناك....ومازالت
بداخلي الكثير من الذكريات أحكيها لكم عن تلك الطفلة....التي هي أنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق