مازلنا في مسيرتنا لسرد
الملحمة التاريخية الجميلة التي نسجها لنا جيشنا المصري العظيم، وبالتأكيد فإننا
حين نقرأ التاريخ نجد أن مايصنعه الجيش من بطولات في الوقت الحالي لم يكن إلا
مساراً طبيعياً لمؤسسة تتفوق على نفسها في كل خطوة حتى تفاجئك وأنت تظن بنفسك
الوطنية أنها تفوقك في هذه الوطنية بل وتتخطاك بمراحل، فمنذ أن بدأت الحضارة المصرية
بدأ معها جيشنا يزيدها زهواً وهيبة ويشد من أزرها ويكتب لها نجاحاً بعد نجاح حتى
صارت مصر سيدة الحضارات ومتربعة على عرش الأمم منذ فجر التاريخ.
ويكفينا أن نعلم أن
المنظمة الحربية (اسم القوات المسلحة وقتها) كانت قد تأسست مع الدولة الفرعونية
وكان الملك هو القائد الأعلى للجيش والقائد النظري للمعارك وذلك النظام هو ما
استمر عليه الجيش المصري حتى الآن.
ولو ركبنا آلة الزمن
لتعود بنا للعصر الفرعوني لوجدنا أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت
منذ ذلك العصر وحتى عصرنا الحالي تسير بنفس النسق وبنفس القيم والمبادئ.
·
ففي الميدان كانت علاقة الجنود فيما بينهم علاقة قوية يحترمون بعضهم البعض
ويشدون من أزر بعضهم وكما يقولون (لم يكن مسموحا لجندي أن يضرب جنديا آخر)
·
وكذلك كان احترام الجنود للشعب المصري (فلم يسمح لأي منهم أن يخطف حذاء او
طعاما أو ملابس من عابر سبيل، او أن يسرق عنزة أي رجل)
·
وكان لرجال الجيش دور في الحياة المدنية فكان المحافظون يستعينون بهم في
المهام السلمية والأشغال العامة والتجارة، كما أنهم كانوا يستعينون بهم في جمع
الغنائم وإخضاع البدو من الليبيين والنوبيين والفلسطينيين للدولة المصرية
·
وكان هناك جزء منهم يقوم بنقل المعادن الثمينة من الصحراء الشرقية، وينقلون
كتل الصخر بعد قطعها من المحاجر، ولذلك فقد خلد التاريخ أعمالهم تلك بأن تظل أسماء
وحداتهم منقوشة على صخور الأهرامات.
·
ومما يلفت الانتباه أن أقسام الجيش كانت شبيهة بأقسامه وأنواع قواته اليوم
فقد كانت هناك فرقة مخصصة لحراسة القصر وهم من نسميهم الآن قوات الحرس الجمهوري وهناك
شرطة الصحراء مثل سلاح المشاة اليوم، بالإضافة للقوات الخاصة التي تضاف إليها قوات
أخرى أيضاً عند الطوارئ.
·
وكانت فرق الحرس تنقسم إلى صفوف كل منها عشرة رجال وتسير في طوابير منتظمة.
·
كما كانت لهم قيادات متدرجة في المراتب ولكنها تختلف عن الوضع اليوم في كون
هذا التدرج غير ثابت...فكان للجيش المصري نظام عتيق وكان يعتبر جيشا قومياً يخضع
لأوامر وقوانين الحكومة المصرية.
·
ورغم ذلك فإن التاريخ يخبرنا أن الجيش العسكري النظامي لما يبدأ إلا في
الدولة الحديثة بعد طرد الهكسوس من مصر
·
وتعتبر أهم أسباب قوة الجيش المصري أنه لم يكن يعتمد علي المرتزقة الأجانب لكنه
كان يعتمد علي الاستدعاء والخدمة الإلزامية أثناء الحرب فكان الجيش المصري بكامله مصريين
ولا يحتوي علي أية عناصر أجنبية أخرى.
·
ومن هذا التاريخ استمد جيشنا المعاصر كل صفاته التي أصبح يتسم بها الآن:
1-
الحفاظ على هيبة الدولة المصرية وكيانها
2-
ترتيب الجيش بأقسام تساعد على تنظيم العمل في الدفاع عن الوطن
3-
تفعيل نظام الدولة وإنفاذ القوانين ودعم الدولة حين يحتاج الأمر
4-
المشاركة في الأعمال المدنية التي تساعد في بناء الدولة المصرية.
5-
احترام المؤسسة العسكرية لبعضها البعض باعتبارها وحدة واحدة واحترام
المؤسسة العسكرية بدورها لكيان الشعب كجزء لا يتجزأ معها من كيان الدولة المصرية
وهذا ماجعل مصر تسير بنفس المعادلة الصادقة منذ فجر التاريخ وحتى اليوم وهي
أن (الجيش والشعب يداً واحدة) ضد أي عدو تسول له نفسه التجرؤ على الأراضي المصرية
أو المساس بكرامة الدولة المصرية
حفظ الله مصر وللحديث بقية
د.نورهان بسيوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق