·
اسمحوا لي أن أخطابكم اليوم لأحدثكم عن هذه الذكرى التي لم يشهدها حوالي
ستون بالمائة من المصريين الموجودين اليوم، فقد كان سبب نجاح هذه الحرب العظيمة هو أمران مهمان:
1- عبقرية القرار
2- إرادة الشعب
·
بالنسبة لعبقرية القرار: فقد كان الجيش وقتها غير مجهز بشكل قوي يسمح بخوض حرب بالمقاييس
العالمية، بالإضافة لحاجز الخوف الذي تولد لدى المصريين وأيضا للأشقاء العرب تجاه
الحرب نتيجة التجربة القاسية التي مرت بها مصر عام 1967
·
وكان قرار القائد السادات وقتها قرارا صعبا بعد تجربة صعبة وذلك لعلمه أنه
وحده من سيتحمل نتيجة هذا القرار أيا كان، خاصا أن التوقيت كان لايزال غير منطقي
فلا يتخيل أحد أنه بعد ست سنوات فقط يمكن للجيش أن يحارب بل وينتصر، ولكن كان
القرار وحده ليس هو سبب النصر وإنما كانت إرادة الشعب المصري الذي تحمل
مرارة الهزيمة وألم الفراق فقد كان هناك حزن وفقد لشخص في كل بيت مصري، ولكن أحدا
لم يفكر في إرجاع الابن المفقود بقدر تفكيره في إرجاع كرامة الوطن المهدرة، لذلك
فقد تحمل الشعب وقتها الكثير لدرجة أنه كان يقف بالطابور ليشتري الطعام.
·
إن صمود الشعب المصري يدعو للعجب وهكذا هو الشعب المصري قد تعود على مواجهة
التحديات الغير مسبوقة حتى تحقق نصر أكتوبر
·
وأنا أقول ذلك اليوم واستدعي هذه الحالة الآن للمقارنة والتذكير بصمود
المصريين من أجل المستقبل، فأنتم حين استدعيتموني لرئاسة الدولة كان العقد الذي
بيني وبينكم هو أن تعملوا معي فلا يمكن أن أعمل وحدي ولا يوجد رئيس دولة يمكنه أن
يبني وطنا وحده.
·
وقد كنت صادقا معكم من البداية أننا سنواجه صعاب وسنأخذ قرارات صعبة، مثل
حالة الفقر المسيطرة على الوطن ، وأنا أقول هذا الكلام بسبب حالة الجدل حول تحريك
فاتورة الدعم للوقود، ولكنكم يجب أن تعلموا أن كل فرد في الدولة عليه دور لها
فالبائع المتجول الذي كان يشغل الطريق عليه دور، وسائق الميكروباص عليه دور، ولهذا
فكان القرار يجب أن يؤخذ رغم أن البعض قال لا تأخذ هذا القرار وليس لديك ظهير حزبي
يدعمك أو أن ذلك يؤثر على شعبيتك، نعم التوقيت صعب ولكن هذا القرار قد أخذ في هذا
الوقت من أجلكم أنتم.
·
أنتم تعلمون أني قد رفضت الميزانية –في حديثي بالكلية الحربية- لأني وجدت
العجز الموجود سيتعدى 300 مليار جنيه ولو رجعنا ثلاث سنوات للوراء لوجدنا أن ديون
مصر كانت 1,2 ترليون جنيه والآن زادت إلى 1,9 ترليون جنيه إذا فنحن ندفع يوميا 600
مليون جنيه فوائد للدين الحالي وليس لدين جديد، وندفع أجورا تقريبا بنفس المبلغ
بالإضافة للدعم الذي يساوي 400 مليون جنيه، والنتيجة أننا نخرج من جيبنا (600 و600
و400 مليون جنيه) وهذا هو واقعنا.
·
وقد كان هناك بند يساعد قليلا في دخل الدولة ويدخل عملة حرة للبلد وهو
السياحة الذي أصبح غير موجودا الآن حيث كان يقدر بحوالي (10-14 مليون دولار)
وبالتالي فالدخل الوحيد للدولة هو دخل قناة السويس، وفوق كل ذلك مازلنا نحتاج لاقتراض 5 مليار جنيه
يوميا للوقود...لهذا أقول أن هذا القرار قد تأخر لسنوات.
·
ولكن لننظر للناحية الأخرى حول ماتحقق في الفترة الأخيرة مثل قرار رفع الحد
الأدنى للأجور من 750 إلى 1200 جنيه وقد كان هذ القرار متوقفا منذ فترة، وكذلك
زيادة الضمان الاجتماعي الذي تحتاجه شريحة مهمة من المجتمع.
·
بالإضافة لإجراءات وزارة التموين لتقليل حجم التأثير السلبي على
الفقير...ونلاحظ هنا أمرا هاما وهو أن الغني كان يستفيد من الدعم أكثر من الفقير
حيث أن صاحب الفيلا تدعمه الدولة ب4000 جنيه للكهرباء أما صاحب الغرفة الواحدة
فيدعم ب50 جنيها فقط، وصاحب السيارة التي تساوي مليون جنيها يدعم ب 4000 جنيها ولا
يدعم بها من هو أقل، لذلك فما يحدث الآن هو محاولة حقيقية لضبط الأمور
·
لقد قلت سابقا أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به وأكررها الآن
لأن البائع الذي يزيد الأسعار على المواطنين بشكل مبالغ فيه لا يحب أشقاؤه في
الوطن ولهذا فأوجه كلامي لكل من يستغل الموقف (أن مصر إذا قامت وستقوم بإذن الله
ستقوم بنا جميعا أما لو حدث غير ذلك فلن يكون لصالحنا جميعا)
·
فلا تتصوروا أن معنى ذلك عدم نجاح هذه الخطوة، لا بإذن الله ستنجح ولذلك
أخبركم أنه كان لنا قرارات في مشاريع تنموية ولكن الواقع العملي وطبيعة الأداء في
رمضان جعلت البدء في ذلك الآن غير منطقيا، فقد تم تأجيل مد شبكة الطرق ال 3000كم
ومشروع إصلاح المليون فدان، وكذلك قوافل التنمية والتعمير التي ستتحرك وتأخذ
أماكنها في مواقع المشروعات ستنفذ بعد رمضان بإذن الله.
·
إننا لا نفعل ذلك للغني ولكن للمواطن العادي والذي لايجد عملا فأنا لا أقول
كلاما عاطفيا لاستمالة مشاعركم ولكني أتحدث إليكم بصدق كما تعودت.
·
إنني أطلب من كل مصري وعلى رأسهم الحكومة وكل مسؤول في مصر من فضلك ضع يدك
في يد كل مصري لننهض بمصر بدون استغلال، وقد تحدث مع الإعلاميين بالأمس وكررت لهم
كلامي الذي حدثتهم به وقت حملة الترشح بأن لهم دورا في تشكيل الوعي في الحرب التي
نخوضها الآن وغدا، فنحن نخوض حربا لبناء مصر ولدينا تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية
سواء داخل مصر أو خارجها، ولكن ذلك لايعني عدم تواجد الحكومة والشرطة في كل
الأماكن لتطبيق القانون على من لا يطبقه بنفسه فعلى الجميع أن يعمل وخاصة الحكومة
ومنافذ البيع فيها التي يجب أن تستمر في عملها طوال اليوم لتغطية احتياجات
المواطن.
·
أما القادرين فأقول لهم لقد أنشأنا صندوقا لدعم الوطن، ألن تقفوا إلى جانب
مصر؟ إن التحدي في مصر أكبر من 20 أو 30 مليار جنيه من أجل شبابنا فنحن نحتاج
مبلغا بعيدا عن موازنة الدولة المحدودة.
·
إن هذا الشعب الذي حارب من أجل أن ينتصر يحارب الآن وسينتصر بإذن الله فنحن
الآن نواجه فصيلا لا يعرف الله مستعدا لأن يهدم الدولة المصرية ويعتقد أنه يخوض
بذلك حربا مقدسة، فالعدو سابقا كان من الخارج أما الآن فهناك من هو أمكر وأخبث من
ذلك، ليجعل قدرتنا على الصمود مهزوزة حين نتساءل ترى من الصحيح ومن المخطئ؟!
·
انظروا جيدا وشاهدوا مايحدث في دول شقيقة تنقسم باسم الدين ولكن لا والله
لن يحدث ذلك في مصر.
·
من فضلكم (خللوا بالكم معايا على مصر بلدنا) فهناك جيش وشعب لديه صلابة
وحضارة وتاريخ والدولة المصرية ستظل تحافظ على كيانها
·
لقد حذرت سابقا أن الإرهاب سيحدث في المنطقة وسينتشر وهذا الأمر لا يهم
المجتمع العربي فقط وإنما يهم المجتمع الدولي أيضا فالآن يتم تدمير المنطقة
بأكملها.
·
كل عام وأنتم بخير وبإذن الله غدا أفضل بكثير
تحيا مصر...تحيا مصر... تحيا مصر والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
نقلته لكم د.نورهان بسيوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق