الاثنين، 4 نوفمبر 2013

الهمسة السادسة


مازالت بداخل تلك الطفلة التي هي أنا....المزيد من الذكريات ومسيرة التفوق....من أول يوم في الصف الأول الابتدائي وربما قبلها بسنوات في الحضانة وحتى حفل تخرجي من كلية الطب بجامعة الإسكندرية.
لم يكن الطب طموحي فمنذ أمسكت بميكروفون الإذاعة المدرسية وعمري ست سنوات وحتى أصبحت رئيسة الإذاعة والصحافة المدرسية بعدها بسنوات كنت أراني إعلامية كبيرة وصحفية ناقدة لسلبيات المجتمع، كنت أتطلع للصحف والمجلات أرقب بشغف مرور السنوات علي لأقرأ مقالا باسمي في واحدة منهن.
ولكن تلك الطفلة التي هي أنا...كتب لها القدر مسارا آخر وليس بمشكلة فالطبيب بشعوره بالناس ومعاناتهم، بتداخله في حياتهم يستطيع أن يخرج بألف مقال صحفي ومليون قصة من واقع الحياة ربما أكثر ممن امتهن الإعلام من أول الطريق.
تلك الطفلة التي هي أنا...ومشوار التفوق الذي بدأ منذ كان عمري ثلاث سنوات وأمي التي ساندتني طوال حياتي الدراسية لترسم لي خط التفوق بلا رجعة، في الحضانة...اكتبي الدرس جيدا واقرئيه وتعلمي العربية والانجليزية.
في المدرسة ومن أول يوم تعلمي يانور أن الفهم أهم من الحفظ، ستحفظين إذا كتبتِ الدرس عشر مرات لكن لن تطبقيه إلا إذا فهمتيه.
ادخلي مسابقات حفظ القرآن، هذا يساعد في تنظيم ذاكرتك، شاركي في الإذاعة المدرسية، تعلمي الأشغال والموسيقى، وشاركي في أعياد الطفولة....ولكن وقت المذاكرة اتركي كل شئ وتفرغي لتنهي كل ما عليكِ
تلك الطفلة التي هي أنا...لم تكن تترك مسألة حسابية واحدة في الكتاب كله إلا وأنجزته، كانت المتميزة في إلقاء الشعر لقراءتها وكتاباتها الأدبية منذ الصغر، تلك الطفلة التي كان ترتيبها الثانية على الفصل أول سنة فقالت لها أمها ماذا تزيد عنك الأولى؟ أنت في الخليج هنا سفيرة طالبات بلدك تعبرين عن المصريات بأخلاقك وتفوقك.
ومن يومها وتلك الطفلة التي هي أنا...الأولى باستمرار وبدون توقف من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية،
التفوق صعب ومشواره طويل ولكن لذة النجاح بعد التعب لايشعر بها إلا المتفوق، التميز يعطي الإنسان شعورا بالمسؤولية، ودروسا في الحياة لايتعلمها من مر على الدراسة مرور الكرام...صحيح أني مرضت كثيرا وتحاملت على نفسي وتعبت كثيرا وتركت الكثير من رفاهيات الحياة لأتفرغ للدراسة ولكن يكفيني أنه كانت لي انفرادات خاصة مثل أني كنت من القليلات اللاتي كنَّ في القسم العلمي ويعشقن مادة الجغرافيا وخاصة رسم الخرائط نقلا (من غير شفاف) وكنت أحترف ذلك لأني أؤمن بالأرض والوطن وأقدس التراب والمعادن والثروات التي تجعلنا كعرب أفضل من أي أمم أخرى ولكننا لانفهم ذلك.
تلك الطفلة التي هي أنا...حصيلة تفوقها خلدتها الأيام في صور فوتوغرافية تعكس معنى حب العلم والتعلم وفائدة الثقافة والقراءة فالمتعلم القارئ يختلف تماما عن المتعلم غير القارئ، فبالعلم والثقافة تحيا الأمم وليس بالتعلم الدراسي الإجباري.
لذلك فمكتبة المدرسة كانت إدماني الحقيقي وفكرتي التي نقلتها في كل مكان أذهب إليه حتى غرفتي لا غنى لي عن مكتباتي بها، يجب أن نعلم أولادنا أن السهل آخره ضياع والصعب يحلو في نهايته بطعم النجاح.
الحمد لله على نعمة العلم والثقافة وعلى نعمة الصبر على مشوار التفوق وعلى حب العلم الذي يجعلني لا أستطيع الابتعاد عنه أبدا كما قال الإمام أحمد بن حنبل  (من المحبرة إلى المقبرة)
ومع باقي ذكريات تلك الطفلة التي هي أنا.... أستكمل المرة القادمة

     د.نورهان بسيوني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عقل وقلب

بين العقل والقلب اختلفت الأقاويل أيهما يعطي للمرأة القوة، فالبعض يقول أن المرأة القوية هي المرأة العاقلة التي لايهمها الظروف والحياة...